عندما أنشأ " فابريس بينو" شركة " لو لابو" للعطور كان الكثيرون يبتسمون سخرية من أفكاره ، وحالياً وبعد أن انتشرت المحلات التي تحمل اسمه في سائر أنحاء العالم وحققت مبيعات سنوية بالملايين أصبح "بينو" هو الشخص الذي ترتسم البسمة على شفتيه.
لقد أراد " فابريس بينو" أن يبدأ ثورة جديدة في مجال إنتاج العطور عندما أسس مع شريك له عام 2006م شركة العطور " لو لابو" أو " المعمل" باللغة الفرنسية.
والسؤال هو: كيف أمكنه ذلك؟ فهو في البداية لم يسعى لأن يعلن المتجر الصغير الذي أنشأه في الصحف. و بعدها أصر "بينو" على أن يقتصر توزيع عطوره على محلاته الخاصة وعدد محدود من محال بيع العطور وهي فكرة مجنونة أخرى إذا ما قورنت بإستراتيجية التشبع التي تتبعها كبرى شركات العطور مثل شركة "أرماني" حيث كان "بينو" يعمل بها قبل أن يبدأ مشروعه.
علاوة على كل هذا فقد رفض أن يحتفظ بأي مخزون على الأرفف، وبدلاً من ذلك جعل من كافة المحال عبارة عن معامل صغيرة أنيقة يقوم فيها بإعداد مزيج العطور المختلفة ووضعها في زجاجات بسيطة لا تحمل أي تصميمات مبهرة، وتغلف في أوراق بنية بعد أن يوضع عليها بطاقة تصنيف مثلما يحدث في المشروعات العلمية موضحا عليها تاريخ التصنيع، واسم العطر، واسم المشتري.
يقول "بينو": " لم يصدق أحد فكرتي!!" وكانوا ينظرون إلى في بداية المشروع وكأنني إنسان غريب الأطوار.
كان هذا هو أسخف الأمور التي عانيت منها فيما يتعلق بشركة " لو لابو"، لكن " بينو" وشريكه " إيدي روشيه" مضيا قدماً في عملهما تقريبا بدون أي تمويل خارجي.
أما اليوم وبعد مرور نحو أربعة أعوام حافلة بالكد والتعب فإن مبيعات شركة " لا لابو" التي يمتلكها "بينو" قد تنامت لتصل إلى 4.5 مليون دولار سنوياً من منتجات العطور التي يتم توزيعها من خلال أربعة متاجر منتشرة حول العالم ( وأربعة متاجر أخرى من المنتظر إفتتاحها بنهاية هذا العام) إضافة إلى 12 فرعا حصريا ومعاملات مع متاجر في مدن معروفة على مستوى العالم في كل من نيويورك، و باريس. و كتب عن " لو لابو" أنه يعد واحداً من أشهر المتاجر في عالم الموضة على مستوى العالم، وقد كان ذلك كافياً لتحقيق أفضل شهرة لهذا المتجر.
يقول " بينو": "إننا لا ننفق أي مال على التسويق"، وهذا يخالف العرف المتبع بين شركات العطور ، إلا أن حجم المبيعات الإجمالية ينمو بشكل كبير ، ويضيف " بينتو":" إننا نخصص أموالنا فقط لإنتاج العطور ".
-------------
ما هذا السخف؟
عندما بدأ " بينو" و " روشيه" أول جولة لمحاولة الحصول على التمويل كان "بينو" يتصور أنه ذاهب في نزهة على طريق ممهد لما له من صلات راسخة في عالم العطور، إلا أن الأمر لم يكن كذلك، و الواقع أن كبار المديرين في بيوت العطور و مستحضرات التجميل كانوا أكثر الرافضين لفكرته.
يحكي "بينو" عن مدى الغلظة التي قوبل بها خلال مقابلته الأولى مع مديري إحدى شركات مستحضرات التجميل الكبرى وكيف كان ردهم " هذا مجرد سخف!"، وكان هدف "بينو" و"روشيه" بيع أربعة زجاجات من عطر" لو لابو" يومياً مدعاة لكثير من السخرية، وقد كانت الزجاجات التي ينتجها " لو لابو" تحمل أسماء يرى المد هؤلاء أنه يصعب حتى نطقها، كما أن سعرها 200 دولار وهو سعر يمثل ضعف سعر بيع الماركات الشهيرة, و لذلك كان ردهم :" الأفضل أن ترسلوا لنا سيرتكم الذاتية فربما يمكننا أن نوفر لكم وظيفة."
بالطبع كان هذا آخر ما يسعى إليه كليهما، وقد كان "بينو" قد عمل لمدة ست سنوات بشركة " أرماني" للعطور وضع خلالها تراكيب لاقت نجاحا كبيرا، و كان تأسيس " لو لابو" هو تجسيد لحلمه الكبير بأن يكون لديه معمله الخاص ، وقد انضم إليه أعز أصدقائه " روشيه" والذي كان يعمل معه لدى شركة "أرماني" وكان ولعاً بإنتاج العطور وإنشاء مؤسستته الخاصة بدلاً من الاستمرار في العمل بالوظيفة، لكن الأهم هو أن " بينو" كان لديه يقين راسخ بأن التميز الفردي غائب في سوق الذي العطور يبلغ حجم مبيعاته ما بين 25 إلى 30 بليون دولار أمريكي سنويا.
بالرغم من حاجتهما إلى المال و لكن بعد التجربة "السخيفة" التي مرا بها، وما شابهها من تجارب أخرى عديدة اتفق "بينو" و "روشيه" على عدم الاستعانة بأية قروض.
يصف "بينو" هذه الفترة بقوله: " لم نكن لننعم بالنوم، وحين كنت أشعر بالإرهاق كنت أتحول إلى إنسان غبي".
المصدر : رواد الاعمال