ليلة الدخول بالزوجة أسسها وضوابطها الشرعية

إن ليلة الدخول بالزوجة والبناء بها هي ليلة ليست كمثلها ليلة....إنها ليلة الدخول إلى عالم جديدٍ له ‏مذاقه الخاص وطبيعته الخاصة. إنها بابٌ يُشرَعُ أول مرة؛ ليستمتع الزوج بما كان محرَّماً عليه من قبل، ولكن مع شخصٍ ‏واحدٍ...إنها زوجته وحليلته وأم ولده!‏

أفلا تستحق هذه المرأة أن يوليها الرجل اهتمامه منذ أول لحظة تجمعه بها؟!‏

صحيح أن هذا اللقاء ليس أول لقاء يقع لهذا الرجل (الذي سيصبح زوجاً) مع جنس النساء، فقد ‏عاشر أمه وأخواته عمراً من قبله، ولكن على طول ما لبث فيهن إلا أنها ظلت معاشرته لهن ‏معاشرةً محدودة، دونها ستور تحجب خفايا وأسرار وعورات لا يكشفها مَرُّ الأيام ولا كرُّ السنين.‏

ولكن هذا اللقاء ـ لقاء الزوج بزوجته أول مرة ـ هو نقطة البداية لبناء علاقة خاصةٍ جداً، هي أعمق ‏وأخص من كل علاقة! علاقة تقتحم الخصوصيات، وتكشف بين الزوجين كل شيء، فلا يقف دونها ‏سِتر ولا حجاب، ولا تعرف عورة، كيف؟! والزوج لباسٌ لزوجه وهي لباسٌ له، يفضي إليها ‏وتفضي إليه، ويسكن إليها وتسكن إليه.‏

ماذا تعني ليلة الدخلة لدى الزوج؟! إنها الليلة التي ينسلخ فيها من حياةٍ ليتلبس بحياةٍ جديدةٍ تستغرق ‏حياته الباقية، وهذا يتقاضاه أن تكون بدايتها صحيحة، لا يخطو فيها خطوةً إلا وقد اتأدَ وفكَّر وتأنّى، ‏وعرف أين تتوجّه به خطواته؟ ‏

ليلة الدخول والبناء بالزوجة هي ليلة ينبغي أن يغلبها أسلوب الملاطفة والأُنس والتودد والبهجة، يمد ‏فيها الزوج حبل المودة والمحبة ليصله بزوجه، فيذهب عنها الروع والرهبة، وتسكن نفسها إليه.‏

وهذه جملة آداب مأثورة نذكر بها كل مدلفٍ إلى هذه الحياة الجديدة عسى أن تنفعه:‏

‏(1) أن يكون الزوج حسن النية:‏

وذلك بأن ينوي بزواجه العفاف لقوله صلى الله عليه وسلم: (( ثلاثة حق على الله تعالى عونهم: ‏المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف)) (أخرجه أحمد ‏والترمذي وابن ماجة والحاكم من حديث أبي هريرة). ‏

(2) التجمل وأخذ الزينة: ‏

ينبغي للمرأة أن تتجمل بما أباح الله لها،‏ فان الأصل في ذلك الإباحة إلا ما دل الدليل على تحريمه كالنمص وهو نتف الحاجبين وما بينهما أو ‏تحديده . ووصل الشعر بشعر أخر ويدخل في ذلك وضع الباروكة. وتجنب أيضا الوشم وثلج ‏الأسنان وهو بردها طلاباً للحسن والجمال . ويحرم عليها أن تلبس الألبسة المحرمة لا في ليلة ‏عرسها ولا غيرها . ولها أن تتحلى من الذهب والفضة بما جرت عادة النساء بلبسه ولو كثر.‏

وينبغي للزوج أن يتجمل لزوجته فان هذا من حسن العشرة ولقوله تعالى: (( ولهن مثل الذي عليهن ‏بالمعروف )). ولكن هذا التجمل في حدود المباح. فلا يجوز له أن يلبس ما يسمى دبلة الخطوبة أو يتختم بالذهب و أما الفضة فيجوز . ولا يجوز له ‏أن يحلق لحيته أو يسبل ثوبه أو يلبس الحرير ألا ما استثناه الشارع.

‏(3) ملاطفة الزوجة عند الدخول بها:

روى الإمام أحمد في المسند عن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها قالت: (( قَيَّنت عائشة ‏لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئته فدعوته لجلوتها، فجاء إلى جنبها فأتي بعس -قدح- لبن ‏فشرب ثم ناولها النبي - صلى الله عليه وسلم- فخفضت رأسها واستحيت، قالت أسماء: فانتهرتها، ‏وقلت لها: خذي من يد النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: فأخذت فشربت شيئاً ثم قال لها: أعطي ‏تربك)). الحديث ‏
ومعنى قينت: أي زينت، ومعنى جلوتها : أي للنظر إليها مجلوة مكشوفة . والعس: هو القدح ‏الكبير. ‏

‏(4) وضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها: ‏

وينبغي أن يضع يده على مقدمة رأسها عند البناء بها أو بعد ذلك، وأن يسمي الله تبارك وتعالى، ‏ويدعو بالبركة، ويقول ما جاء في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تزوج أحدكم امرأة، أو اشترى ‏خادماً، فليأخذ بناصيتها، وليسم الله عز وجل، وليدع بالبركة، وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها ‏وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرّها وشر ما جبلتها عليه". أخرجه أبو داود (2160)، وابن ‏ماجه (1918)، والحاكم في المستدرك (2811)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/148).‏
ولا بأس أن يترك الرجل بعض السنن ـ كالأخذ بالناصية ـ إذا ترتّب على فعلها مفسدة كنفرة الزوجة ‏ومغاضبتها له، والذي قد يقع منها بسبب جهلها بالسنة، وتفسيرها الخاطئ للفعل.‏ كما لا يُشترط في هذا الدعاء المأثور أن يقوله بحيث تسمعه زوجته، بل له أن يخافت به بحيث لا ‏يُسمع إلا نفسه، فليس في الحديث ما يدل على استحباب المجاهرة به. ‏
‏ ‏‏
(5) صلاة الزوجين معاً: ‏

قد أُثر عن بعض السلف استحباب أن يصلي الزوجان ركعتين معاً، وفيه أثران: ‏
الأول: عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: ((تزوجت وأنا مملوك، فدعوت نفراً من أصحاب النبي - ‏صلى الله عليه وسلم- فيهم ابن مسعود وأبو ذر وحذيفة –رضي الله عنه-، قال: وأقيمت الصلاة، ‏قال: فذهب أبو ذر - رضي الله عنه- ليتقدم، فقالوا: إليك! قال: أو كذلك؟ قالوا: نعم، قال: فتقدمت ‏إليهم وأنا عبد مملوك، وعلّموني فقالوا: "إذا أدخل عليك أهلك فصلّ ركعتين، ثم سل الله -تعالى- من ‏خير ما دخل عليك، وتعوذ به من شره، ثم شأنك وشأن أهلك". أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في ‏المصنف (17147). وعبد الرزاق في مصنفه(3822).‏
الثاني: عن شقيق قال: جاء رجل يقال له: أبو جرير، فقال: إني تزوجت جارية شابة (بكراً)، ‏وإني أخاف أن تفركني، فقال عبد الله (يعني ابن مسعود -رضي الله عنه-): "إن الإلف من الله، ‏والفرك من الشيطان، يريد أن يكرّه إليكم ما أحل الله لكم؛ فإذا أتتك فمرها أن تصلي وراءك ‏ركعتين". زاد في رواية أخرى عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: "وقل: اللهم بارك لي في أهلي، ‏وبارك لهم فيّ، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير؛ وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير". أخرجه عبد ‏الرزاق في مصنفه (10460-10461) وسنده صحيح، والطبراني بسندين صحيحين في المعجم ‏الأوسط (4018)، والكبير (9/204). ‏

ومن المهم أن يتنبَّه الزوج إلى أن المسألة ليس فيها سنة ثابتة عن النبي –صلى الله عليه وسلم--، ‏فلا ينبغي التشديد فيها، أو التثريب على من تركها، وكأنها سنة راسخة لا تقبل الخلاف.‏ والمسألة فيها سعة، فله أن يؤخر أداء هاتين الركعتين بعد أن يجلس مع زوجته ويلاطفها ويحادثها ‏ويؤانسها؛ ليذهب عنها الخجل والرهبة.‏

‏(6) ما يقول عند الجماع أو حين يجامع زوجته: ‏

روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لو أن أحدكم ‏إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه أن يقدر ‏بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً". ‏‏ ‏

‏(7) هل يخرج صبيحة الزواج ويزور أقاربه ؟

يستحب له صبيحة بنائه أن يأتي أقاربه الذين أتوه في داره ويسلم عليهم ويدعوا لهم وان يقابلوه ‏بالمثل لحديث انس رضي الله عنه قال : (( أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بنى بزينب فاشبع ‏المسلمين خبزاً ولحماً ثم خرج إلي أمهات المؤمنين فسلم عليهن ودعا لهن وسلمن عليه ودعون له ‏فكان يفعل ذلك صبيحة بنائه )) رواه النسائي .‏

‏(8) تحريم نشر أسرار الوقاع بين الزوجين: ‏

روى أحمد عن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والرجال والنساء ‏قعود، فقال: (( لعل رجلاً يقول ما يفعله بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها، فأرمَّ القوم ‏‏(أي سكتوا)، فقلت إي والله يا رسول الله، إنهن ليفعلن، وإنهم ليفعلون، قال: "فلا تفعلوا ، فإنما ‏ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون)). ‏

‏(9) اغتسال الزوجين معاً:‏

ويجوز للزوجين أن يغتسلا معاً في مكان واحد لما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها ‏قالت: "كنت اغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء بيني وبينه واحد تختلف أيدينا فيه ‏فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي" قالت: "وهما جنبان" .‏

أخيراً أنصحك أخي أختي المقبلين على الزواج أن تبتعدوا عن كل مايغضب الله فأنتم بزواجكم تطلبون العفاف وإقامة حياة زوجية هادئة فلا تبدأوها بالمعاصي ...
أتمنى لكم من كل أعماق قلبي حياة زوجية سعيدة


;

هل استفدت؟ كن إيجابي و شارك المحتوي