لو قيل أن هناك طفلة عمرها 11 عاما لا تأكل ولا تشرب ولا تدخل الحمام منذ حوالي7 أشهر.. فسوف ترد فورا : هذه تخاريف أو حكاية من حكايات "ألف ليلة وليلة" !!.
لكن لهذه الطفلة موجودة على أرض الواقع في مدينة "كفر صقر" بمحافظة الشرقية في دلتا مصر، وهي بالفعل " صائمة " منذ شهر رمضان الماضي حتى الآن.. لا تعجب؛ فها هي "ريهام"؛ صورها وكلماتها وشهودها.
ففي شارع الجيش بمدينة "كفر صقر" بالشرقية التي تبعد عن القاهرة حوالي 40 كيلو مترا يوجد منزل هذه الطفلة، وهو عبارة عن شقة في الدور الثالث في عمارة مكونة من عدة أدوار .. وإلى أن طرقت الباب وأنا في شك أني سأجد طفلة بهذه المواصفات؛ كنت أقول لنفسي : القصة مجرد أوهام؛ فالعلم يؤكد أنه لا يوجد إنسان بلا طعام ولا شراب ولا إخراج لأكثر من ثلاثة أيام وليس سبعة أشهر كاملة.
وعندما قابلت والدها حاولت تشكيكه بأن ابنته ربما تأكل وتشرب من ورائه؛ لكنه أكد أنها تتقيأ ما تأكله أو تشربه بمجرد دخوله جوفها، والغريب في الأمر كما يؤكد أبوها أن نموها طبيعي وحياتها طبيعية.
بصوت يحمل أثر مشوار طويل قال والدها؛ تعبنا في التنقل بين الأطباء والمراكز العلاجية في مصر بحالتها هذه، ولم نجد لها تفسيرا علميا أو طبيا؛ فجميع التحاليل والفحوصات والأشعة التي تم إجراؤها عليها سليمة بل فوجئت بوالد الطفلة يخرج لي حقيبة كبيرة مليئة "بالروشيتات" والتحاليل والأشعة الطبية التي تؤكد صدق قوله عن ابنته التي لم تأكل ولم تشرب ولم تدخل حماما طوال هذه الفترة القياسية!
يضيف الأب : بعدما يئست من عدم جدوى الأطباء والأدوية والتحايلي والأشعة وبعدما قال لي كثيرون "بنتك ملبوسة "؛ فيها جن يطعمها .. ذهبت إلى المشايخ وأنفقت الكثير من المال على طلباتهم وكنت أعلم أنهم لن يفعلوا شيئا .. فأنا لا أؤمن بهذه الخرافات ولا أصدقها .. ويتابع الأب : لقد طلب مني أحدهم 3 آلاف جنيه فقط، فقلت له خذ 6 آلاف جنيه على أن تعوود ابنتي إلى ماكانت عليه؛ طبيعية تأكل وتشرب؛ لكنه عجز ومازالت حالة ابنتي لغزا محيرا لا نعرف له تفسيرا ومشكلة لا نعرف لها حلا .
والدة الطفلة تقول : بعد أن علم الناس في " كفر صقر " حالة " ريهام" بدأوا يطاردونها بالأسئلة في كل مكان؛ خصوصا في المدرسة حيث أنها تلميذة في الصف السادس الابتدائي، حتى ضاقت من الملاحقة فقررت منعها من الذهاب إلى المدرسة خوفا عليها وقلت لها "ذاكري دروسك في البيت".. أما المضحك المؤلم فهي أن بعض الناس أخذوا يتبركون بها؛ وتتخوف الأم المرتبكة من امتداد ظاهرة الابنة الكبرى إلى أخويها؛ بنت وولد آخرين أصغر منها.
التقينا "ريهام" التي ظهرت طبيعية وهي طفلة رقيقة تعيش حياتها مثل أي طفلة في سنها ولا تبدو عليها أي أعراض .. سألتها : فعلا يا ريهام.. لا تأكلين ولا تشربين؟ قالت لا .. أي طعام يدخل فمي أتقيأه فورا ـ تحكي : حينما عرضني أبي على الأطباء حاولوا توصيل جلوكوز بذراعي ولكن جسمي رفض الجلوكوز وتورم ذراعي، ومن يوها أوقف الأطباء الجلوكوز وتعجبوا من ذلك، ووذهبت أنا وأبي إلى مستشفى أبو الريش، وكانت مزدحمة جدا وجلست هناك عدة أيام وبعدها قالوا لأبي "بنتك محتاجة طبيب نفساني".
لا أجوع ولا أعطش
سألت ريهام : كيف حدث ذلك؟ ..قالت في شهر رمضان الماضي؛ شعرت بتعب في صدري فذهبت مع والدي وولدتي إلى الطبيب؛ الذي شخص الحالة على إنها حساسية صدر؛ ومن يومها وأنا لا آكل ولا أشرب، بالتالي لا أحتاج إلى دخول دورة المياه. قلت : وهل تجوعين وتعطشين؟ .. ردت : أبدا .. لا أجوع ولا أعطش.
وعن حالة " ريهام " يؤكد الدكتور سالم محمد مكي (أستاذ الباطنة وروماتيزم القلب بجامعة الزقازيق)؛ أنها حالة غريبة جدا ولم يسبق أن رأى مثلها؛ ويرجح أن يكون هناك انسداد في الفتحة البوابية الموجودة في المعدة؛ أي أن هذه الفتحة مغلقة، وذلك يتسبب القئ بعد الطعام والشراب.. يضيف : هناك بعض الأطفال المولودين هكذا، لكن حالة من الممكن أن تكون ناتجة عن تلوث غذائي والتهاب شديد في المعدة.. هذه استنتاجات الدكتور مكي حول القيء وعدم قدرتها على الغذاء؛ لكنه لا يستطيع تفسير قدرتها طيلة هذا الوقت على الامتناع عن الأكل والشرب بدون انهيار؛ إلا قليلا من الشحوب؛ فليس هناك تفسير طبي لهذه الحالة الفريدة حتى الآن.